جدول المحتويات
لماذا سمي صنبور المياه بالحنفية؟
الرواية الأولى: في عهد محمد علي الكبير في مصر
موقف الأئمة الأحناف من الصنابير
الرواية الثالثة والأرجح: بعد الاحتلال البريطاني لمصر
قانون استبدال الميضأة بالصنابير
Contents
لماذا سمي صنبور المياه بالحنفية؟
مقدمة
نستخدمه في حياتنا اليومية، ولا يمكننا الاستغناء عنه، وننعته بالحنفية، إنه صنبور المياه، لكن، من أين جاءت كلمة الحنفية؟ ومن الذي أطلق عليها هذا الاسم؟ وما سبب تسمية صنبور المياه بالحنفية؟
لذلك سنعرض لكم في هذا المقال القصة التي تختبئ وراء تسمية صنبور مياه الشرب بالحنفية، وأبرز الروايات التي تحدثت عن أصل كلمة الحنفية، ثم سننقل إليكم الرواية الأرجح.
في الواقع: تعددت الروايات عن الحقبة التاريخية التي بدأ الناس يعرفون الصنبور باسم الحنفية، والسبب الكامن وراء إطلاق تسمية الحنفية، فالصنبور هو اللفظة التي وردت في المعاجم العربية، أما كلمة الحنفية فمردها روايات عدة:
الرواية الأولى: في عهد محمد علي الكبير في مصر
تنسب الرواية الأولى لفظة الحنفية إلى عهد محمد علي الكبير، وتحديداً عندما بنى مسجد محمد علي بالقلعة، وزوده بالمواسير والصنابير للوضوء بدلاً من طريقة الوضوء السائدة في ذلك الوقت، والتي كانت عبارة عن الطاسات والأكواز، فما كان من علماء مذاهب الحنابلة والشافعية والمالكية إلا معارضته، بسبب عدم رؤيتهم السلف في بلاد المسلمين يستعملون هذه الطريقة، فقالوا بأنها بدعة، استناداً إلى الحديث الشريف: “كل بدعه ضلالة وكل ضلالة فى النار”، وظلوا كثيراً يتحرون أمرها، وعن جواز الوضوء من مياه الصنابير أو تحريمه، إلى أن تم تحليل الوضوء من مياه الصنابير في نهاية الأمر.
موقف الأئمة الأحناف من الصنابير
لكن علماء الأحناف، لم يحتاجوا إلى كل ذلك الوقت الذي استغرقه الأئمة الأربعة لتحليل الوضوء من مياه الصنابير، ورأوا جواز الوضوء من هذه الصنابير منذ البداية لأنها ترفع المشقة عن المسلمين، ومن هنا سمي الصنبور بـالحنفية، نسبة إلى المذهب الحنفي، وأصبحت كلمة الحنفية دالة على الصنبور.
الرواية الثانية: دور السقايين
أما الرواية الثانية تقول: مع نهاية القرن التاسع عشر، عندما تم مد مواسير المياه وتركيب الصنابير في منازل القاهرة؛ أدى ذلك إلى استغناء كثير من المصريين عن السقايين الذين كانوا يجلبون المياه إلى البيوت مقابل أجر، وكانوا يشكلون أعداداً غفيرة، ولهم نقابة تمثلهم، فما كان منهم إلا الانتفاض على ذلك، لأن دخول الصنابير إلى بيوت مصر هو خطر يهدد أرزاقهم، واتفقوا فيما بينهم على التصدي لذلك؛ فتوجهوا إلى أئمة المذاهب الأربعة لاستصدار فتوى منهم تحرّم استخدام الماء الخارج من مواسير المياه في الوضوء.
وبالفعل استجاب أئمة المذاهب الثلاثة المالكية والشافعية والحنبلية لمطالب السقايين من منطلق ديني، لأنهم رأوا أن الوضوء من هذه الصنابير بدعة، كما أن انتشارها في الشوارع ساعد على وجود برك ماء، وعندما تمر عليها العربات التي تجرها الخيول تطرطش الطين في وجوه المؤمنين من الناس، ولكن أئمة الحنفية أفتوا بأن الوضوء من مياه الصنابير جائز بل هو مستحب أيضاً، ولذلك سميت بالحنفية نسبة إليهم.
الرواية الثالثة والأرجح: بعد الاحتلال البريطاني لمصر
أما الرواية الثالثة التي تحدثت عن سبب تسمية الصنبور بالحنفية والتي هي الرواية الأرجح مفادها: بعد الاحتلال البريطاني لمصر، شرعت بريطانيا في إقامة مشاريع عصرية ينفذها مهندسون بريطانيون وشركات بريطانية، وكان منها مد شبكات عمومية لمياه الشرب والصرف الصحي في المدن، وقد أشرف عليها المهندسان وليام ويلكوكس Willcocks وپرايس باي Price Bey.
قانون استبدال الميضأة بالصنابير
وفي يوم 7 مايو سنة 1884، أصدرت حكومة الاحتلال البريطاني في مصر القانون نمرة 68، ينص على استبدال الميضأة -(إناء فيه ماء يتوضّأ به)- في الجوامع بصنابير مربوطة بشبكة الإمداد بمياه الشرب التي بدأت الحكومة في تركيبها، على أن يـُلزم ديوان الأوقاف بمصاريف الإحلال، وحسب قرار مجلس النظار (مجلس الوزراء)، تقرر الآتي:
أولاً: أن يستمر استبدال الميضأة بحنفيات ولكن على وجه السرعة مهما أمكن.
ثانيا: أن الطريقة الجديدة للمراحيض يصير تجربتها في ثلاثة جوامع في مصر وجهتين أخريين بملاحظة نظارة الأشغال وبالاتفاق مع مهندس عموم الأوقاف لأجل معرفة مزاياها ومقدار تكاليفها.
في البداية عارض أئمة مذاهب الشافعية والمالكية والحنبلية بالجامع الأزهر استبدال الميضأة التي ينال المتوضئون فيها بركة الشيخ الذي يفتتح الوضوء من مائها، ولم يوافق عليها إلا فقهاء الحنفية الذين يحبذون الوضوء من ماء جارٍ؛ ولذلك فقد أطلق على الصنبور اسم الحنفية للمساعدة على قبول الشعب لها، وقد انتشر استعمال الحنفية بعد ذلك في باقي البلدان العربية والإسلامية.
خاتمة
مما سبق نرى أن اختلاف روايات تسمية صنبور الماء بالحنفية لا يفسد جوهرها، فكلمة الحنفية نسبة إلى المذهب الحنفي وهو أول مذهب أيّد استخدام الصنابير وكان ذلك في دولة مصر العربية.